كتاب المصنف للعلامة أبي بكر الكندي
د. سعيد بن سليمان الوائلي - كلية العلوم الشرعية -
من الكتب العمانية ما يبرز دورًا لأصحابها، لا أقل من أن يكون في المجال العلمي، فكيف إن اتصل بعلم العقيدة وأصول الدين، فإن ذلك إنما يضيف قدرًا من الأهمية بما يوجه الإنسان إلى تقدير صاحبه بصورة أكبر، ويجلّ النظر إليه بصورة أعظم.
وإن مما ينبغي أن يشار إليه ويذكر أنّ بلدنا عمان شهدت في عهدها الأول من كبار العلماء وممن يشهد لهم بالعطاء والإنتاج العلمي، وأنتجت لنا بعد ذلك من العلماء من أسهم بالكتابة في مختلف العلوم الشرعية، بما يخدم مجالات الحياة المختلفة، وكان ذلك بصورة متناسبة مع ما تمتعوا به من قدرة علمية ومعرفية، فإن هذا الأمر يجعلنا ننظر بفخر وإعزاز إلى البلد وأهله، كما ننظر بتقدير واحترام إلى العلم وأصحابه.
ومن الكتب العمانية التي حوت جانبًا من العقيدة الإسلامية كتاب المصنف، الذي يعد موسوعة علمية عظيمة، ونقف في هذه السطور على عرض لهذا الكتاب وصاحبه.
تأليف الشيخ أبو بكر أحمد بن عبدالله بن موسى الكندي توفي سنة 557 هجرية (1162م) وهو كتاب مطبوع، طبعته وزارة التراث والثقافة بعمان، بتحقيق عبدالمنعم عامر ود. جاد الله أحمد.
وهو أحد المؤلفات الدينية الجامعة لأصول الشريعة الإسلامية وفروعها، وقد صنفه مؤلفه في واحد وأربعين جزءًا إبان القرن السادس الهجري، وجمع فيه من المسائل المفيدة في أصول الدين وفروعه، وحشد فيه كثيرًا من الحكم والمواعظ، والقصص التاريخية، والشواهد في اللغة العربية، والآثار النافعة، وغير ذلك مما يجد فيه القارئ المتعة الروحية، واللذة العقلية، والثقافة الدينية المحيطة بكل ما في كتاب الله الكريم، وسنة رسوله الأمين، فكان الكتاب موسوعة دينية حافلة بمسائل الفقه وعلوم الدين، يستغنى بها في مجال الثقافة والمعرفة عن عديد من الكتاب.
وأما المؤلف فهو الشيخ أبو بكر أحمد بن عبدالله بن موسى الكندي توفى سنة 557 هجرية (1162م) وقد ولد في أواخر القرن الهجري وتوفى سنة 557 هجرية (1162م). كان ثالث ثلاثة من أهل بيته من ذوي الحظ الكبير في العلم، وأصحاب مؤلفات قيمة، أولهم ابن عمه مؤلف كتاب بيان الشرع: الشيخ محمد بن إبراهيم الكندي، وثانيهم ابن عمه صاحب كتاب الكفاية: الشيخ محمد بن موسى سليمان الكندي. وثالثهم صاحب المصنف الذي نترجم له. وبالإضافة للمصنف فقد ألف عديدا من الكتب منها: التخصيص في الولاية والبراءة، وكتاب الاهتداء، كما كان له فضل كبير في جمع وترتيب كتاب بيان الشرع الذي كان مبعثرا في أوراق متفرقة وغير مرتب على أجزاء أو أبواب، فرتبه و أصلح خلله، وأتم النقص في بعض أبوابه بما وجده من قطع مكتوبة بخط مؤلفه، وقدم له مقدمة بليغة تدل على مكانته في الإبانة في القول وقدرته على قول الشعر.